اندر سرگذشت و جايگاهِ «جاودانه»  پور كيومرث در ادب عرب

كتاب « جاودان ( يا : جاويدان ) خرَد » كه نگاشته هوشنگ فرزند كيومرث بوده يا اينكه ديگران به اشارتِ او ساخته‏اند ، كتابى است در اخلاق و ادب كه به تعبيرى مَنِشنامه پارسيان و گنجينه حكمت‏آميزِ ايرانيان به شمار رفته و همچو عنوانَش جاودانه روزگار گرديده است . 

اين كتاب كه امروزه متن آن را از روى تعريب و ديگرگون ساختِ ابو على ابن مسكويه به دست داريم ، نخست بار حسن بن سهل وزير دربار مأمون عبّاسى و برادر ذوالرياستين به تازى برگردانده و به فضاى ادبىِ روزگارَش شناسانده است . دو قطعه ذيل نمايانگرِ جايگاه ويژه اين كتاب در نزد اَدبوَرزانِ آن زمان مى‏باشد :

نخست البصائر والذخائر لأبي حيّان التوحيديّ ، الجزء السادس : « قال أبو مسمع البصريّ : كنّا نجالس أبا الهذيل في مجلسه ، فجاءنا شابّ له رواء ومنظر وسَمت ، فقعد فأجللناه لظاهره ، فقال أبو الهذيل : ليس للعجم كتاب أجلّ من الكتاب المترجَم بجاويدان خرد ، وقد استفصح مؤلّفه بثلاث كلمات ليس لهنّ نظير ؛ منها أنّه قال : من أخبرك أنّ عاقلاً لم يصبر على مضض المصيبة فلا تصدّقه ، ومن أخبرك أنّ عاقلاً أساء إلى من أحسن إليه فلا تصدّقه ، ومن أخبرك أنّ حماة أحبّت كنة فلا تصدّقه . فانبرى الغلام وجثا وقال : حدّثني أبي عن جدّي بثلاث أحسن منهنّ . فقال أبو الهذيل : منّ علينا بهنّ . فقال : قال جدّي رحمهُ اللّه : من أخبرك أنّ الجائع كالشبعان فلا تصدّقه ، ومن أخبرك أنّ النائم كاليقظان فلا تصدّقه ، ومن أخبرك أنّ الراضي كالغضبان فلا تصدّقه . فقلنا له : أمِنَ العرب أنت أم مِنَ العجم ؟ قال : من بينهما . قلت : من أيّ بلد ؟ قال : من دوين السماء وفويق الأرض . فقال له الجاحظ : ما اسمك ؟ قال : لجام . قلنا : فالكنية ؟ قال : أبو السرج . فقال له : فما لك لا تنهق وأنت حمار ؟ ! فقام مغضباً يجرّ إزاره ويقول : ليس الذنب لكم ، الذنب لي كيف جالست أمثالكم وأنتم لا تدرون ما طحاها » .

دوم جمع الجواهر في المُلَح والنوادر لأبي إسحاق إبراهيم بن عليّ الحصريّ القيروانيّ ( 390 - 453 الهجريّ ) : « كتاب جاودان خرد مِن أجلّ كتب الفُرس ، وكان سببه على ما ذَكر الجاحظُ أنّ بعض الأكاسرة كان زاهداً في كتب الأدب ، راغباً في التكبّر عن النظر فيها ، والتعظّم عن الاشتغال بشي‏ء منها ، وكان له وزير يقال له : كنجور بن اسفنديار ، فصنع ترجمة لكتاب لم يعلمها أحد ، وجعلها في ورقة ، وألقاها إلى الملك وكانت الترجمة : هذا كتاب تصفية الأذهان ، ونقاء الفكر ، وسراج القلوب ، من كتاب واضح عمود الحكمة . فلمّا نظر الملك إلى هذه الترجمة شغفه حسنها ، فقال لكنجور : لقد غلبت هذه الترجمة على هواي ، وقادت عزمي ، وبعثت رأيي على هذا الكتاب ؛ فسل عنه سؤالاً حفيّاً يرجع بجلية الخبر ، وابعث الحكماء الأدلاء على تفتيش منازل الحكماء ، فإن وجدته في شي‏ء من مملكتي كنت أولى الناس باصطناع صاحبه ، وإن وصف أنّه في شي‏ء من أقاليم الهند كتبت إلى ملك ذلك الإقليم ، وسألته المنّ عليَّ بدفع نسخة منه ، وكافأته بهديّة مكافأة مثلي على وجود طلبته . فقال كنجور : أيّها الملك ، لست أفزع باستفراغ مجهودي واللّه المعين . وصار إلى منزله ولم يخرج منه حتّى صنع كتابه المعروف بجاودان خرد .

قال الجاحظ : حدّثني الواقديّ ، قال : قال الفضل بن سهل : لمّا دعي للمأمون بكور خراسان بالخلافة جاءتنا هدايا الملوك سروراً بمكانه من الخلافة ، ووجه ملك كابلستان شيخاً يقال له : ذوبان ، وكتب يذكر أنّه وجّه بهديّة ليس في الأرض أسنى ولا أرفع ولا أنبل ولا أفخر منها ! فعجب المأمون وقال: سَل الشيخ ما معه من الهديّة ؟ فقال : ما معي شي‏ء أكثر من علمي . فقلت : وأيّ شي‏ء علمك ؟ قال : رأي ينفع ، وتدبير يقطع ، وجلالة تجمع . فسرّ المأمون به وأمر بإنزاله وإكرامه وكتمان أمره ، فلمّا أجمع على التوجّه إلى العراق لقتال محمّد الأمين أخيه دعا بذوبان ، فقال : ما ترى في التوجّه إلى العراق ؟ قال : رأي دقيق ، وحزم مصيب ، وملك حريب ، والسبب ماض ، فاقض ما أنت قاض . قال: فمن نوجّه ؟ قال : الفتى الأعور ، الطاهر الأطهر ، الظاهر الأظهر ، يستر ولا يفتر ، قويّ مرهوب ، مقاتل غير مغلوب . قال: فمن نوجّه معه من الجند ؟ قال : أربعة آلاف ، صوارم الأسياف ، لا ينقصن في العدد ، ولا يحتجن إلى مدد . قال : فما رأيت المأمون سرّ كسروره ذلك اليوم . فوجّه بطاهر ؛ فلمّا تهيّأ له الخروج سأل ذوبان : في أيّ وقت يخرج من النهار ؟ قال : مع طلوع الفجر يجمع لك الأمر ، وتصير إلى النصر . فخرج في ذلك الوقت ، فلمّا كتب بذكر مقدمه الريّ دعا المأمون بذوبان فقال : قد قرب صاحبنا من العدو وقربوا منه ، فما عندك دلالة أو بيّنة تكون لنا أو علينا ؟ قال : قد تعرفت شانه ، إذ أتى فسطاطه كان نصر سريع ، وقتل ذريع ، وتفرّقت تلك الجموع ، والنصر له لا عليه ، ثمّ يرجع الأمر إليك وإليه . فكتب المأمون بذلك إلى طاهر ليقوي عزمه ، فلمّا كتب بقتله عليّ بن عيسى بن ماهان واستيلائه على عسكره وأمواله ، وخبر ما أولى اللّه المأمون في أوليائه من النصر والظفر بأعدائه ، دعا ذوبان وأمر له بمائة ألف درهم ، فلم يقبلها وقال : أيّها الملك ، إنّ مَلكي لم يوجّهني إليك هديّة لينقصك مالك ، فلا تجعل ردي نعمتك سخطاً ، فليس عن استخفافٍ بقدرها ، وسوف أقبل ما يفي بهذا المال ويزيد ، وهو كتاب يوجد في العراق فيه مكارم الأخلاق ، وعلوم الآفاق ، وهو كتاب عظيم للفُرس ، فيه شفاء النفس ، به من صنوف الآداب ما لا يوجد في كتاب ، عند عاقل لبيب ، ولا فطن أريب ، يوجد في خزائن عند الإيوان بالمدائن .

فلمّا قدم المأمون بغداد واستقرّ بها ملكه ، اقتضاه ذوبان حاجته ، وأمر أن تكتب القصّة والموضع الذي يشير إليه ، فكتب : سر إلى وسط الإيوان ، من غير زيادة ولا نقصان ، واجعل القسمة بالذرعان ، ثمّ احفر المدر ، فاقلع الحجر ، فإذا وصلت إلى الساجة فاقتلعها تجد الحاجة ، فخذها ولا تعرِّض لغيرها ، فيلزمك غبّ ضيرها . فوجّه المأمون في ذلك رسولاً حصيفاً ، فسار إلى الموضع ، ففعل ما قيل له ، فوجد صندوقاً

صغيراً من زجاج أسود عليه قفل منه ، فحمله وردّ الحفرة إلى حالها الأوّل.

قال عمرو بن بحر : فحدّثني الحسن بن سهل ، قال : إنّي لعند المأمون إذ وصل ذلك الصندوق ، فجعل يتعجّب منه ، ثمّ دعا بذوبان فقال له : هذه بغيتك ؟ قال : نَعم أيّها الملك ، لست ممّن تنقض رغبته ذمام عهده ، ولا يحلّ طمعه عقدة وفائه ، ثمّ تكلّم بلسانه ونفخ في القفل فانفتح ، فأدخل يده وأخرج منه خرقة ديباج فنشرها ، فسقط منها أوراق ، فردّ الأوراق في الخرقة ونهض . ثمّ قال : أيّها الملك ، هذا الصندوق يصلح لرفيع خبيّات خزائنك ، فأمر به فرفع .

قال الحسن بن سهل : فقلت : ترى يا أمير المؤمنين أن أسأله ما في هذا الكتاب ؟ قال : يا حسن ، أفرّ من اللؤم ثمّ أرجع إليه ؟ أمرته ألّا يفتحه بين يديّ قطعاً للطمع فيه ، وصمتةً بالمسألة عنه ، وتحرّياً للرغبة فيه ، واللّه لا كان هذا أبداً .

فلمّا خرج صرت إلى منزله فسألته عنه مسألة راغب فيه ، فقال : هذا كتاب جاودان خرد تأليف كنجور ملك سبرا شهرا . فقلت : أعطني ورقةً منه أنظر فيها . فأعطاني فوقعت عليها عيني ، وأسرجت لها ذهني ، وأجلت فيها فكري ، فلم أزدد منه إلّا بعداً ، فدعوت بالخضر بن عليّ - وذلك في صدر النهار - فلم ينتصف حتّى فرغ من قراءتها بينه وبين نفسه ، ثمّ جعل يفسّرها وأنا أكتب ، ثمّ رددت الورقة وأخذت منه نحو ثلاثين ورقة ، فدخلت عليه يوماً فقلت : يا ذوبان ، يكون في الدنيا من يحسن مثل هذا الكتاب ؟ قال: يجوز أن يكون فيها من يحسن ترجمة هذا الكتاب ، ولا يجوز أن يكون فيها من يحسن مثل هذا الكتاب . قلت : فهل تعرف مَن يترجمه ؟ قال : نعم ، وأصفه لك ؛ هو طوال أنزع ، إن تكلّم تتعتع ، يفوق أهل زمانه بما يكون من شأنه ، اسمه خضر ، يقوم بأمر خطر لو كان له عمر ، ولو لا أنّ العلم سبيل الدنيا والآخرة ، وهو الكرامة الفاخرة ، ومن معرفة قدره الضنّ به ، لرأيت أن أدفعه إليك بتمامه ، ولكن لا سبيل إلى أكثر ممّا أخذت . ولم تكن الأوراق التي أخذتها على التأليف ؛ لأنّا أصبنا ورقة فيها علامات فيها الكنوز ، وآخر الورقة مكتوب : « دليل هذا الباب في الورقة التي تليها » ولم نجد غير هذا بتّاً ، غير أنّا وجدنا أبواباً من الحكمة تشهد لها القلوب بحقيقة الصحّة ، وتحلف طيها الألسن بغاية النهاية .

هذا مِن كلام الحسن بن سهل كقول أبي تمّام يصف شعره :

ومحلفةٍ لمّا ترد أُذن سامعٍ‏

فتصدر إلّا عن يمينٍ وشاهد

قال الجاحظ : وحدّثني الحسن بن سهل ، قال : قال لي المأمون : أيّ كتب العرب أنبل ؟ قال : قلت : المبتدأ ؟ قال : لا . قلت : فالتاريخ ؟ قال : لا . فسكت ، فقال : تفسير القرآن ، لأنّه لا شبه له ، وتفسيره لا شبه له . ثمّ قال : أيّ كتب العجم أنبل ؟ فاستعرضتها فقلت : هذا كتاب ذوبان ، وقد كتبتُ بعضه . فقال : ائتني به معجلاً . فوجّهت في حمله ، فوافاني الرسول وقد نهض يريد الصلاة ، فقال : فلمّا رآني مقبلاً والكتاب معي انحرف عن القبلة ، وأخذ الكتاب وجعل ينظر فيه ، فإذا فرغ من باب قال : لا إله إلّا اللّه . فلمّا طال ذلك عليه قعد وجعل يقرأ ، فقلت : الصلاة تفوت وهذا لا يفوت ! قال : صدقت غير أنّي أخاف السهو في الصلاة لاشتغال قلبي بلذيذ ما في هذا الكتاب ، وما أجد للسهو حائلاً غير ذكر الموت ، فجعل يقرأ : إنّك ميّت وإنّهم ميّتون . ثمّ وضع الكتاب وقام فكبّر ، فلمّا فرغ من صلاته نظر فيه حتّى أتى على آخره ، ثمّ قال : أين تمامه ؟ قلت : عند ذوبان لم يدفعه إليّ ! فقال : لو لا أنّ العهد حبل أحد طرفيه بيد اللّه والآخر بأيدينا لأخذته منه ، فهذا واللّه الكلام ، لا ما نحن فيه من لي ألسنتنا في فجوات أشداقنا من الحكم .

قال الحسن بن سهل : قرأت في هذا الكتاب : ثلاث لا يصلح فسادهنّ بشي‏ء من الحيل : العداوة بين الأقارب ، وتحاسد الأكفاء ، والركاكة في العقول . وثلاث لا يستفسد صلاحهنّ بنوع من المكر : العبادة في العلماء ، والقنوع في المستبصرين ، والسخاء في ذوي الأخطار . وثلاث لا يشبع منهنّ : الحياة ، والعافية ، والمال . وثلاث تبطل مع ثلاث : الشدّة مع الحيلة ، والعجلة مع التأنّي ، والإسراف مع القصد » . 

شنبه ۵ خرداد ۱۳۸۶ ساعت ۱۸:۱۰